كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


رسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

الجواب من محمد الصالح العثيمين إلى أخيه‏.‏‏.‏‏.‏ حفظه الله

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته‏.‏

ج 1‏:‏ شم الأدهان الطيبة كدهن العود ونحوه لا يفطر الصائم، لأنه ليس لها أجزاء تتصاعد فتدخل في الجوف، ومن باب أولى إذا تطيب به في ثوبه، أو بدنه بدون شم فإنه لا يفطر أيضاً، وهذا جواب السؤال الثاني‏.‏

ج 3‏:‏ لا يفطر الصائم بأخذ الإبر المقوية في الصيام، لأنها ليست أكلاً ولا شرباً، ولا بمعنى الأكل والشرب‏.‏

971 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ في أحد شهور رمضان الماضية قمت بدهن شعري ولم أكن أعلم أن هذا يبطل الصوم ونبهتني إحدى الأخوات بأن صومي غير صحيح، وقمت بالإفطار في ذلك اليوم، علماً بأني قضيت ذلك اليوم بعد الانتهاء من رمضان، وكان ذلك الشهر أول صيام لي، فهل عليَّ إثم فيما فعلت‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الإجابة على هذا السؤال من وجهين‏:‏

الوجه الأول‏:‏ هذه المرأة التي أفتتها بلا علم، فإن ادهان المرأة وهي صائمة لا يبطل الصوم، وإذا كانت هذه الفتوى بلا علم فإني أوجه نصيحة لكل من يسمعني‏:‏ أنه لا يحل للإنسان أن يُفتي بلا علم، لأن الفتوى معناها أن الإنسان يقول عن الله عز وجل، ويعبر عن الله سبحانه وتعالى في شرعه بين عباده، وهذا محرم ومن أعظم الإثم، ‏{‏فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ‏}‏‏.‏ وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْىَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ‏}‏‏.‏

إني أحذر كل إنسان يتكلم عن الشرع ويُفتي عباد الله، أحذره أن يتكلم بما لا يعلم، وأقول‏:‏ إنه يجب على الإنسان أن يتأنى في الفتوى حتى يعلم إما بنفسه إن كان أهلاً للاجتهاد، وإما بسؤال أهل العلم عن حكم الله في هذه المسألة‏.‏

أما الوجه الثاني‏:‏ من جهة هذه المرأة التي أفتيت بغير علم فأفطرت ثم قضت بناء على هذه الفتوى فإنه لا شيء عليها الآن، لأنها أدت ما يجب عليها‏.‏

* * *

081 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يجوز وضع الحناء على الشعر أثناء الصيام والصلاة، لأني سمعت بأن الحناء تفطر الصيام‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذا أيضاً لا صحة له، فإن وضع الحناء أثناء الصيام لا يفطر، ولا يؤثر على الصائم شيئاً‏:‏ كالكحل وكقطرة الأذن، وكالقطرة في العين، فإن ذلك كله لا يضر الصائم ولا يفطره‏.‏

وأما الحناء أثناء الصلاة فلا أدري كيف يكون هذا السؤال، إذ أن المرأة التي تصلي لا يمكن أن تتحنى‏.‏ ولعلها تريد أن الحناء هل يمنع صحة الوضوء إذا تحنت المرأة‏؟‏

والجواب‏:‏ أن ذلك لا يمنع صحة الوضوء، لأن الحناء ليس له جرم يمنع وصول الماء، وإنما هو لون فقط، والذي يؤثر على الوضوء هو ما كان له جسم يمنع وصول الماء، فإنه لابد من إزالته حتى يصح الوضوء‏.‏

* * *

181 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ إذا استعملت المرأة الدهون وهي صائمة فهل عليها شيء‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ليس على المرأة شيء إذا استعملت الدهون في وجهها، أو غيره بما يجمله أو لا يجمله، المهم أن الدهون هذه بجميع أنواعها سواء في الوجه، أو في الظهر، أو في أي مكان لا تؤثر على الصائم ولا تفطره، والله أعلم‏.‏

* * *

281 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم استخدام أدوات المكياج والكحل والطيب والسواك واستعمال الفرشاة والمعجون أثناء الصيام‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ استخدام الكحل أثناء الصيام لا يفطر، وذلك لأنه لا دليل على أن الصائم إذا اكتحل يفطر، وكذلك استعمال المكياج وغيره مما تتجمل به المرأة، ولكن المكياج حسب ما أعلم يضر بالمرأة على المدى الطويل، وعلى هذا لا ينبغي أن تستعمله إلا بعد مراجعة الطبيب واستشارته، وكذلك لا حرج على المرأة أن تتطيب وهي صائمة، سواء كان ذلك بالبخور، أو بالدهون، إلا أن البخور لا يستنشقه الصائم، لأنه إذا استنشقه ربما يدخل الدخان إلى جوفه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً‏)‏‏.‏ وأما التسوك فهو سنة للصائم كغيره في أول النهار وآخره، وكذلك استعمال الفرشاة، ولكن الفرشاة لا ينبغي استخدامها في حال الصوم، لأن لها نفوذاً قويًّا، فأخشى إذا استعملها الإنسان مع المعجون أن يتسرب شيء من هذا المعجون إلى جوفه، فيكون في ذلك خلل على صيامه‏.‏

* * *

381 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عن امرأة كان معها قطعة بلاستيكية صغيرة تنقش بها أسنانها فشرقت وبلعت هذه القطعة فهل تفطر بها‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا تفطر بها، وذلك لأن من شرط إفساد الصوم بتناول المفطرات أن يكون ذلك بعلم، وذكر، وإرادة، وضد العلم الجهل فلو أكل الصائم، أو شرب جاهلاً بأن الفجر لم يطلع، وتبين أن الفجر طلع فإن صومه صحيح، كذلك لو غلب على ظنه أن الشمس قد غربت فأفطر بناء على غلبة ظنه ثم تبين أنها لم تغرب فإن صومه صحيح، وكذلك لو نسي الصائم فأكل أو شرب فإن صومه صحيح، ودليل هذا والذي قبله عموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ‏}‏‏.‏

وخصوص ما جاء في حديث أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنها وعن أبيها ـ قالت‏:‏ ‏(‏أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس‏)‏، ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالقضاء، ولو كان القضاء واجباً في هذه الحال لأمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم ولنقل إلينا، فإنه لو كان القضاء واجباً كان من شريعة الله، وشريعة الله محفوظة، ولابد أن تنقل إلى هذه الأمة حتى لا ينمحي شيء من هذه الشريعة، وكذلك ما جاء في حديث عدي بن حاتم ـ رضي الله عنه ـ أنه كان يأكل ويشرب وتحت وسادته عقالان أحدهما أسود والآخر أبيض، فجعل يأكل ويشرب حتى تبين له العقال الأبيض من العقال الأسود، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن وسادك لعريض أن وسع الخيط الأبيض والأسود‏)‏ ثم بين له صلى الله عليه وسلم أن ذلك بياض النهار وسواد الليل، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الصـوم، لأنه كان جاهلاً حيث ظن أن هذا هو معنى الآية الكريمة‏.‏

وأما الشرط الثالث‏:‏ وهو أن يكون ذلك عن قصد وإرادة، فإن الإنسان إذا كان صائماً فنزل إلى جوفه شيء بغير قصد من مأكول، أو مشروب فصيامه صحيح، لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَاتُمْ بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ‏}‏‏.‏

فبناء على هذا يكون صوم هذه المرأة التي بلعت البلاستيك بغير قصد منها صحيحاً ليس فيه نقص‏.‏

وبقي هنا مسألة وهي هل الجهل بما يترتب على فعل المحرم عذر لفعل المحرم‏؟‏

والجواب على ذلك أن نقول‏:‏ إن جهل ما يترتب على فعل المحرم ليس عذراً لفعل المحرم، وعلى هذا فلو أن شخصاً صائماً في نهار رمضان في بلده وجامع زوجته ويعلم أن الجماع حرام، لكنه لم يظن أن فيه كفارة، فإن عليه الكفارة حتى لو قال‏:‏ لو علمت أن فيه هذه الكفارة المغلظة ما فعلت‏.‏ فإن ذلك ليس بعذر، لأنه قد علم التحريم، وانتهك حرمة العبادة، فلزمه ما يترتـب عليه، سـواء علم بهذا الذي يترتب أو لم يعلم، ويدل على هذا ما رواه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل فأخبره أنه هلك، لكونه جامع امرأته في رمضان وهو صائم، فألزمه النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة مع أن هذا الرجل لم يكن يعلم أن فيه كفارة‏.‏ والله ولي التوفيق‏.‏

* * *

481 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عن القيء في رمضان هل يفطر‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا قاء الإنسان متعمداً فإنه يفطر، وإن قاء بغير عمد فإنه لا يفطر، والدليل على ذلك حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء عمداً فليقض‏)‏‏.‏

فإن غلبك القيء فإنك لا تفطر، فلو أحس الإنسان بأن معدته تموج وأنها سيخرج ما فيها، فهل نقول‏:‏ يجب عليك أن تمنعه‏؟‏ لا‏.‏ أو تجذبه‏؟‏ لا‏.‏ لكن نقول‏:‏ قف موقفاً حياديًّا، لا تستقيء، ولا تمنع، لأنك إن استقيت أفطرت، وإن منعت تضررت‏.‏ فدعه إذا خرج بغير فعل منك، فإنه لا يضرك ولا تفطر بذلك‏.‏

* * *

581 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم من استقاء وهو صائم أو تقيأ بغير فعله‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا استقاء الإنسان وهو صائم أفطر، لأنه استدعى القيء باختياره، لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من استقاء فليقض‏)‏ رواه الترمذي وحسنه وقال‏:‏ والعمل عليه عند أهل العلم، أما إذا غلبه القيء وخرج بغير اختياره فصيامه صحيح، لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض‏)‏‏.‏ رواه الخمسة إلا النسائي‏.‏

* * *

681 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ في فجر رمضان في أثناء الصلاة مثلاً يكون الصائم ممتلىء البطن، وعندما يريد أن يخرج الهواء يخرج شيئاً من الطعام أو قليلاً من الماء لم يصل إلى الحلق وبلعه هل يفطر‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذا الذي سألت عنه يحدث كثيراً مع الناس إذا امتلأت المعدة بالطعام، فإن الإنسان إذا تجشأ وخرج الهواء من معدته قد يخرج شيء من الطعام أو من الماء، فإذا لم يصل إلى الفم وابتلعه فلا شيء عليه‏.‏

* * *

781 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ قرأنا فتوى لأحد المشائخ جاء فيها‏:‏ أن من استقاء فقاء بطل صومه، فهل يدخل في حكم الاستقاءة من كان يلاعب طفلاً فأدخل يده في فمه فاستقاء من هذا العمل‏؟‏ وما المقصود بقوله‏:‏ من استقاء فقاء‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذا حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ‏:‏ ‏(‏من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء عمداً فليقض‏)‏ ومن استقاء أي طلب القيء متعمداً بأنه يدخل يده في فمه، أو يعصر بطنه، أو يشم شيئاً يوجب القيء أو ما أشبه ذلك، المهم أن من حاول أن يستقيء فقاء فسد صومه، ولهذا يحرم على من كان صومه واجباً أن يستقيء، وأما إذا أدخل الصبي إصبعه في فم الإنسان حتى قاء فإن كان باختياره فهو كما لو كان أدخل إصبعه بنفسه، وإن كان بغير اختياره، وهذا أقوله للتقسيم وإلا فلا أظنه يقع فإنه لا يفسد صومه‏.‏

* * *

881 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ إذا استمنى الصائم فهل تجب عليه الكفارة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا استمنى الصائم فأنزل أفطر ووجب عليه قضاء اليوم الذي استمنى فيه، وليس عليه كفارة، لأن الكفارة لا تجب إلا بالجماع‏.‏

* * *

981 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ شاب استمنى في رمضان جاهلاً بأنه يفطر وفي حالة غلبت عليه شهوته، فما الحكم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الحكم أنه لا شيء عليه، لأننا قررنا فيما سبق أنه لا يفطر الصائم إلا بثلاثة شروط‏:‏ العلم، والذكر، والإرادة‏.‏

ولكني أقول‏:‏ إنه يجب على الإنسان أن يصبر عن الاستمناء، لأنه حرام لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَآءَ ذلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ‏}‏‏.‏

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم‏)‏‏.‏

ولو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أيسر على المكلف، ولأن الإنسان يجد فيه متعة، بخلاف الصوم ففيه مشقة، فلما عدل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصوم، دل هذا على أن الاستمناء ليس بجائز‏.‏

* * *

091 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هناك فتى كان يفعل العادة السرية فأتى عليه رمضان ولم يبلغ بعد، وصام ذلك الشهر، ثم أتت عليه سنة أخرى فبلغ، ومع ذلك كان يفعل العادة السرية في نهار رمضان، وهو لا يعلم بالحكم، كان في السنة السادسة أو أولى متوسط، ولا يعلم عن هذا شيئاً فما الحكم‏؟‏ ولا يعرف الآن عدد الأيام التي فعل فيها العادة السرية، فما هو ردكم على ذلك‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ذكرت أنه كان يفعل العادة السرية، ولم يبلغ، يعني أنه لا ينزل ولكن العادة جرت أن من عمل العادة السرية فإنه ينزل وبهذا يبلغ ولو لم يكن له إلا عشر سنوات هذا شيء‏.‏ لكن إذا استمر في فعل العادة السرية وهو لا يعرف عن حكم هذا الشيء ويظن أن العادة السرية لا تفطر، فإنه لا قضاء عليه، لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ‏}‏‏.‏ قال الله‏:‏ قد فعلت‏.‏

* * *

191 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ يقول السائل‏:‏ في رمضان السابق وأنا صائم وقعت في العادة السرية فماذا يجب علي‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ عليك أن تتوب إلى الله من هذه العادة، لأنها محرمة على أصح القولين لأهل العلم، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَآءَ ذلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ‏}‏‏.‏ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج‏.‏ فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء‏)‏‏.‏

فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم الشباب الذين لا يستطيعون الباءة إلى الصوم، والصوم فيه نوع من المشقة بلا شك، ولو كانت العادة السرية جائزة لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إليها، لأنها أهون على الشباب، ولأن فيها شيئاً من المتعة، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعدل عن الأسهل إلى الأشق لو كان الأسهل جائزاً، لأنه كان من عادته صلى الله عليه وسلم أنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثماً‏.‏ فعدول النبي صلى الله عليه وسلم عن الأيسر في هذه المسألة يدل على أنه ليس بجائز‏.‏

أما بالنسبة لعمله إياها وهو صائم في رمضان فإنه يزداد إثماً، لأنه بذلك أفسد صومه، فعليه أن يتوب إلى الله توبتين، توبة من عمل العادة السرية، وتوبة لإفساد صومه، وعليه أن يقضي هذا اليوم الذي أفسده‏.‏

* * *

291 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عن رجل داعب زوجته وهو صائم فخرج منه مذي فما حكم صومه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا داعب الرجل زوجته فخرج منه مذي فصومه صحيح، ولا شيء عليه على القول الراجح عندنا من أقوال أهل العلم، وذلك لعدم الدليل على أنه يفطر، ولا يصح قياسه على المني لأنه دونه، وهذا القول الذي رجحناه هو مذهب الشافعي وأبي حنيفة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وقال في الفروع‏:‏ هو أظهر، وقال في الإنصاف‏:‏ هو الصواب‏.‏

* * *

391 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عن رجل صائم داعب امرأته فخرج المذي فماذا عليه‏؟‏ هل يعيد الصيام أم يكمله أم ماذا‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا داعب الصائم امرأته في فريضة أو نافلة فنزل منه المذي فإن صومه لا يفسد، لا الفرض ولا النفل‏.‏ فالصوم صحيح ولا حرج عليه‏.‏

أما إذا نزل منه المني فإنه يفسد صومه، سواء كان ذلك في فريضة أم نافلة، ولا يحل لإنسان أن يداعب زوجته إذا عرف من نفسه أنه ينزل بهذه المداعبة، لأن بعض الناس يكون سريع الإنزال فبمجرد ما يداعب المرأة، أو يقبلها مثلاً أو ما أشبه ذلك ينزل‏.‏ فنقول لهذا الرجل‏:‏ لا يحل لك أن تداعب امرأتك مادمت تخشى أن تنزل‏.‏

* * *

491 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم صيام من أنزل المني في نهار رمضان بعد أن نظر إلى محاسن امرأة تثير الشهوة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ أولاً‏:‏ نحن ننصح جميع الصائمين إلى أن يتقوا الله عز وجل ولا ينظروا النظر المحرم، والإنسان الذي يطلق نظره للنساء لابد أن يقع في البلاء، فإن النظر سهم مسموم من سهام إبليس ـ والعياذ بالله ـ فإذا كان الإنسان كلما مرت عليه امرأة جميلة جعل ينظر فيها فإنه لابد أن يتعب قلبه، وأن ينقص إيمانه، وأن يقع في أمور لا يستطيع الخلاص منها فيما بعد، ولكن إذا كانت النظرة خاطفة والإنسان قوي الشهوة وبمجرد ما نظر للمرأة أنزل فإن صيامه صحيح، لأن هذا في غير اختياره، أما إذا جعل ينظر ويتأمل في محاسن هذه المرأة حتى أنزل فإن صيامه يفسد بذلك، ويجب عليه أن يقضي يوماً مكانه بعد رمضان‏.‏

* * *

591 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ رجل عنده سلس بول فأراد أن يجفف ذكره فخرج منه مني في نهار رمضان ماذا عليه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الواجب على هذا الصائم أن يمسك عن التجفيف إذا أحس بشهوة، لأن المعروف أنه إذا قويت الشهوة حصل الإنزال، فإن استمر على ذلك حتى أنزل بشهوة فإنه يأثم ويفسد صومه، ويلزمه إمساك بقية اليوم، والقضاء‏.‏

أما إذا نزل المني بغير شهوة فصومه صحيح ولا قضاء عليه‏.‏

* * *

691 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ذكرتم أحسن الله إليكم حديث‏:‏ ‏(‏يدع شهوته وطعامه‏)‏ دليلاً على إفطار من أنزل منياً بشهوة، فلماذا لم يأخذ المذي نفس الحكم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لأن المذي ليس شهوة، توضع في الرحم، ولهذا يخرج من غير إحساس به، لولا أثره من الرطوبة ما علم به، فهو يحصل بدون شهوة عند خروجه‏.‏ نعم قد ينتج المذي عن شهوة، كأن يقبل الرجل زوجته فيمذي، لكن هو نفسه ليس فيه شهوة، لا يجد لذة عند خروجه، اللذة منفصلة عنه، ولهذا يخرج بدون دفق، وبدون إحساس، لا يشعر الإنسان إلا برطوبته‏.‏

* * *

791 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل المذي يوجب القضاء في شهر رمضان إذا كان بشهوة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ المذي لا يفسد الصوم، سواء كان الصوم في رمضان أو غير رمضان، وإذا قلنا لا يفسد الصوم فإنه لا يوجب القضاء، وهو غالباً لا ينزل إلا بشهوة، حتى لو كان بشهوة، حتى لو قبل امرأته أو باشرها، وأمذى فإن صومه صحيح ولا يلزم القضاء‏.‏

* * *

891 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما هو ضابط الدم الخارج من الجسد المفسد للصوم‏؟‏ وكيف يفسد الصوم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الدم المفسد للصوم هو الدم الذي يخرج بالحجامة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أفطر الحاجم والمحجوم‏)‏ ويقاس على الحجامة ما كان بمعناها مما يفعله الإنسان باختياره، فيخرج منه دم كثير يؤثر على البدن ضعفاً، فإنه يفسد الصوم كالحجامة، لأن الشريعة الإسلامية لا تفرق بين الشيئين المتماثلين، كما أنها لا تجمع بين الشيئين المفترقين‏.‏

أما ما خرج من الإنسان بغير قصد كالرعاف، وكالجرح للبدن من السكين عند تقطيع اللحم، أو وطئه على زجاجة أو ما أشبه ذلك، فإن ذلك لا يفسد الصوم ولو خرج منه دم كثير، كذلك لو خرج دم يسير لا يؤثر كتأثير الحجامة‏:‏ كالدم الذي يؤخذ للتحليل فلا يفسد الصوم أيضاً‏.‏

* * *

991 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ قوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏أفطر الحاجم والمحجوم‏)‏ هل هو حديث صحيح‏؟‏ وإذا كان صحيحاً فما هو تفسيره‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذا الحديث صحيح صححه الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ وغيره، ومعناه أن الصائم إذا حجم غيره أفطر، وإذا حجمه غيره أفطر، وذلك أن الحجامة فيها حاجم ومحجوم‏.‏

فالمحجوم الذي استخرج الدم منه، والحاجم الذي استخرج الدم، فإذا كان الصوم واجباً فإنه لا يجوز للصائم أن يحتجم، لأنه يستلزم الإفطار من صوم واجب عليه، إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك بأن هاج به الدم وشق عليه، فإنه لا حرج أن يحتجم حينئذ، ويعتبر نفسه مفطراً يقضي هذا اليوم ويأكل ويشرب في بقيته، لأن كل من أفطر بعذر شرعي يبيح الفطر فإنه يجوز أن يأكل في بقية يومه، لأن هذا اليوم الذي أباح الشارع له الإفطار فيه ليس يوماً يجب عليه إمساكه بمقتضى أدلة الشرع، ثم إنه بهذه المناسبة أود أن أذكر أن بعض الناس يغالي في هذا الأمر، حتى إن بعضهم يحصل به خدش يسير ويخرج منه الدم اليسير، فيظن أن صومه بطل بهذا، ولكن هذا الظن ليس بصحيح‏.‏ بل نقول‏:‏ إن خروج الدم إذا خرج بغير فعلك لا يؤثر عليك، سواء كان كثيراً أو قليلاً، فلو فرض أن إنساناً رعف أنفه فخرج منه دم كثير فإنه لا يضر ولا يفطر به، لأنه خرج بغير اختياره‏.‏ أما إذا أخرج الدم هو باختياره فإن كان هذا الدم يستلزم ما تستلزمه الحجامة من ضعف البدن وانحطاط القوة فإنه يكون مفطراً، إذ أنه لا فرق بينه وبين الحجامة في المعنى، وإن كان الدم يسيراً لا يتأثر به الجسم فإنه لا يضر ولا يفطر، مثل أن يخرج منه الدم من أجل التحليل أو نحوه، فإنه لا يضره ولا يفطر به، وعلى كل إنسان أن يكون عارفاً بحدود ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ليعبد الله على بصيرة، والله الموفق‏.‏

* * *

002 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما صحة حديث أفطر الحاجم والمحجوم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذا الحديث صححه الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم ـ رحمهما الله ـ وغيرهم من المحققين، وهو صحيح، وهو أيضاً مناسب من الناحية النظرية، لأن المحجوم يخرج منه دم كثير يضعف البدن، وإذا ضعف البدن احتاج إلى الغذاء، فإذا كان الصائم محتاجاً إلى الحجامة وحجم، قلنا‏:‏ أفطرت فكل واشرب من أجل أن تعود قوة البدن، أما إذا كان غير محتاج نقول له‏:‏ لا تحتجم إذا كان الصيام فرضاً، وحينئذ نحفظ عليه قوته حتى يفطر‏.‏

* * *

102 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ كيف نوفق بين حديث ‏(‏أفطر الحاجم والمحجوم‏)‏ وبين حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ نوفق بينهما‏:‏

أولاً‏:‏ أن احتجام النبي صلى الله عليه وسلم لا يدرى هل هو قبل الحديث ‏(‏أفطر الحاجم والمحجوم‏)‏ أو بعده‏؟‏ وإذا كان لا يدرى أهو قبله أو بعده فيؤخذ بالنص الناقل عن الأصل وهو الفطر بالحجامة، لأن النص الموافق للأصل ليس فيه دلالة، إذ أنه مبقي على الأصل، والأصل أن الحجامة لا تفطر، فاحتجم النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يثبت حكم التفطير بالحجامة‏.‏

ثانياً‏:‏ هل كان صيام النبي صلى الله عليه وسلم حين احتجم صياماً واجباً، أو صيام تطوع‏؟‏ فقد يكون صياماً واجباً، وقد يكون صيام تطوع، فإن كان صيام تطوع فلمن صام صوم تطوع أن يقطعه، وليس في هذا دليل على أن الحجامة لا تفطر، لاحتمال أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم نوى الفطر قبل أن يحتجم، بل حتى لو كانت تفطر فإن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان صومه تطوعاً، فإن صوم التطوع يجوز قطعه، ولا يمكن أن ندعي أن حديث ابن عباس ‏(‏احتجم وهو صائم‏)‏ ناسخ لأن شرط النسخ العلم بتأخر الناسخ عن المنسوخ، فإذا لم نعلم لم يجز أن نقول بالنسخ، لأن النسخ ليس بالأمر الهين، فهو إبطال نص من الشرع بنص آخر، وإبطال النص ليس بالأمر الهين، بل لابد أن نتحقق أن هذا النص قد نسخ بالنص المتأخر‏.‏

إذن لا معارضة بين حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم، وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أفطر الحاجم والمحجوم‏)‏ ويكون العمل على ما يدل عليه حديث ‏(‏أفطر الحاجم والمحجوم‏)‏ وقد قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في رسالته ‏(‏حقيقة الصيام‏)‏ وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة‏.‏

* * *

202 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما الجمع بين هذين الحديثين‏:‏

1 ـ عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال‏:‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم متفق عليه‏.‏

2 ـ عن شداد بن أوس ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى رجلاً بالبقيع وهو يحتجم وهو آخذ بيدي لثماني عشرة خلت من رمضان فقال‏:‏ ‏(‏أفطر الحاجم والمحجوم‏)‏‏.‏ رواه أبو داود وابن ماجه والدارمي‏.‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ اختلف العلماء في الجمع بينهما، فمنهم من قال‏:‏ إن حديث‏:‏ ‏(‏أفطر الحاجم والمحجوم‏)‏ لم يثبت، فقد نقل عن الشافعي أنه علق القول به على صحته، وقال ذلك أيضاً بعض المالكية، ومنهم من قال‏:‏ إنه منسوخ بالأحاديث الدالة على عدم الفطر بالحجامة، وكلا الجوابين غير صحيح، فالحديث صحيح صححه أحمد والبخاري وابن المديني ـ رحمهم الله ـ والقول بنسخه يتوقف على أمرين‏:‏ أحدهما‏:‏ العلم بأنه سابق على فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولا دليل على ذلك‏.‏ الثاني‏:‏ أن لا يمكن الجمع بينه وبين فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهنا يمكن الجمع بحمل احتجام النبي صلى الله عليه وسلم على الخصوصية أي أن عدم الإفطار بالحجامة خاص به، كما اختص بكثير من الأحكام صلى الله عليه وسلم، وعليه فيعمل بحديث شداد بن أوس ـ رضي الله عنه ـ ويحمل حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ على الخصوصية أو أنه منسوخ، وأيضاً فالعمل بحديث شداد بن أوس أحوط، وما كان أحوط فهو أولى عند الاشتباه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏دع ما يريبك إلى ما لا يريبك‏)‏ ولأن الوقوع في المشتبه إن كان الإنسان ورعاً أوجب له القلق وتشويش الفكر، وإن كان غير ورع أوجب له التهاون حتى يقع في الحرام الصريح، قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام‏:‏ كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه‏)‏‏.‏

ومن القواعد المقررة أن الفعل لا يعارض القول، فإذا تعارضا ولم يمكن الجمع بينهما بوجه من وجوه الجمع السليمة وجب تقديم القول، لأن الفعل يحتمل أن يكون لسبب يعارض عموم القول لم نعلم به، لاسيما الفعل عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه قد يكون خاصًّا به، والحجامة للصائم قد يكون جوازها وعدم الفطر بها خاصًّا بالنبي صلى الله عليه وسلم، لأن علة الإفطار بها الضعف الحاصل بخروج الدم من البدن، فيحتاج البدن إلى التعويض عنه بالأكل، وهذه العلة قد تكون منتفية في حق النبي صلى الله عليه وسلم كما انتفت في حقه علة النهي عن الوصال في الصوم، فإن استقام هذا التخصيص صارت الحجامة مفطرة في حق غير النبي صلى الله عليه وسلم غير مفطرة في حقه وزال الإشكال‏.‏

وإن لم يستقم ذلك فجمهور العلماء على أن الحجامة لا تفطر احتجاجاً بحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ الذي في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم، لأنه أقوى من حديث شداد‏:‏ أفطر الحاجم والمحجوم، قال الشافعي‏:‏ ‏(‏حديث ابن عباس أمثلهما إسناداً، فإن توقى أحد الحجامة كان أحب إليَّ احتياطاً، والقياس مع حديث ابن عباس، والذي أحفظ عن الصحابة والتابعين وعامة أهل العلم أنه لا يفطر أحد بالحجامة‏)‏ ذكره في مختلف الحديث، نقله عنه في فتح الباري ‏(‏ص 771 ج 4‏)‏ المطبعة السلفية، وذكر في مختصر المزني ‏(‏ص 035‏)‏ المطبوع في آخر كتاب الأم‏:‏ والذي أحفظ عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين وعامة المدنيين أنه لا يفطر أحد بالحجامة‏.‏ اهـ وأجابوا عن حديث شداد على تقدير صحته بأن معناه‏:‏ أن الحاجم والمحجوم متعرضان للفطر، لما يلحق الحاجم من احتمال دخول الدم إلى جوفه عند مص القارورة، وما يلحق للمحجوم من احتمال الضعف الذي لا يتمكن معه من إتمام الصوم، وإما بأنه منسوخ ولكن كل ما ذكروا قد أجاب عنه ابن القيم في تهذيب السنن ‏(‏ص 342 ـ 852‏)‏ فأجاد وأفاد، وصحح أن الحجامة تفطر الصائم الحاجم والمحجوم‏.‏

* * *

302 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ نقل الحافظ ابن حجر في الفتح عن ابن حزم أنه قال‏:‏ صح حديث ‏(‏أفطر الحاجم والمحجوم‏)‏ بلا ريب، لكن وجدنا من حديث أبي سعيد ‏(‏أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم‏)‏ وإسناده صحيح فوجب الأخذ به، لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة، فدل على نسخ الفطر بالحجامة سواء كان حاجماً أو محجوماً‏.‏ انتهى‏.‏

وذكر الحافظ أيضاً حديثاً عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحجامة للصائم، وعن المواصلة، ولم يحرمها إبقاءً على أصحابه‏)‏‏.‏

وقال الحافظ‏:‏ إسناده صحيح، والجهالة بالصحابي لا تضر‏.‏ فكيف نوفق بين هذه الأدلة وبين ما ذهبتم إليه حفظكم الله، من إفطار الصائم بالحجامة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ نجيب على هذا بما رد به الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ أنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏أفطر الحاجم والمحجوم‏)‏ وحديث أبي سعيد الذي أشرت إليه فيه ضعف‏:‏ هذه واحدة‏.‏

الشيء الثاني‏:‏ أن قولنا بالإفطار هو من مصلحة الصائم في الواقع، لأنه من المعروف أن الإنسان إذا سحب منه الدم، فسوف يلحقه هبوط ومشقة وتعب، فإذا قلنا‏:‏ إنه يفطر بالحجامة، معناه‏:‏ أنك لا تحتجم إلا للضرورة، فإذا كنت صائماً صيام فرض، واحتجمت للضرورة، فكل واشرب واقض ذلك اليوم‏.‏

والآخرون يقولون‏:‏ إذا احتجمت للضرورة فلابد أن تبقى على صومك ولو كنت في غاية ما يكون من الضعف، فصار القول بأنه يفطر هو الأيسر الذي تقتضيه مصلحة الصائم، وتدل عليه الأدلة الشرعية، لأننا نقول‏:‏ إن كنت لا تحتاج إلى الحجامة فلا تحتجم إلا في الليل، وإن كنت تحتاج إليها ولابد، كما لو هاج عليك الدم، فنقول‏:‏ احتجم، ونرخص له أن يأكل ويشرب حتى يستعيد قوته‏.‏ فتبين بهذا‏:‏ أن القول بأنها تفطر هو القول الموافق للحكمة، وقد حقق شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ ذلك في رسالة له صغيرة تسمى ‏(‏حقيقة الصيام‏)‏، ومن أحب أن يتوسع في الجواب فليرجع إليها فإنها مفيدة‏.‏

والتبرع بالدم مثل الحجامة، لأنه كثير، فيحصل به من الضعف ما يحصل بالحجامة، ولهذا لا يجوز للإنسان أن يتبرع بالدم وهو صائم صيام الفرض إلا للضرورة، فإذا كانت ضرورة تبرع بدمه وأفطر ذلك اليوم‏.‏

* * *

402 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ إذا جرح الصائم ونزف دمه فهل يفطر بذلك‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يؤثر ذلك على الصيام شيئاً، فإذا جرح الصائم وخرج دم كثير فإنه لا يؤثر شيئاً، ذلك لأن هذا الجرح بغير اختياره ومن شروط كون المفطر مفطراً أن يكون باختيار الفاعل، أما ما وقع بغير اختياره فإنه لا يضره ولا ينقض صيامه ولا يفطره، ولذلك لو احتلم الرجل في صيامه وخرج منه الماء فإنه لا يفطر بذلك، لأنه بغير اختياره‏.‏

أما إذا كان هذا الجرح باختياره بأن فصد أو حجم فإن ذلك مفطر على القول الراجح من أقوال أهل العلم، لأنه كما جاء في السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏أفطر الحاجم والمحجوم‏)‏ ‏.‏

فالمحجوم يفطر لأنه ينزف منه دم كثير يؤدي إلى ضعف بدنه، وحينئذ يحتاج إلى أكل وشرب لأجل سد هذا الضعف، فإذا اضطر الإنسان إلى الحجامة وهو صائم فاحتجم فإنه يفطر، ونأمره بأن يتناول الأكل والشرب، لأجل أن يعود نشاطه إليه، وهذا هو الوجه في كون المحجوم يفطر، لأنه يشق عليه أن يبقى بدنه ضعيفاً بعد الحجامة فمن رحمة الله به أن جعل ذلك سبباً للفطر حتى يتناول الأكل والشرب، ولهذا لو اضطر إلى سحب الدم من رجل لينقل إلى مريض مثلاً فإنه يجوز سحبه في هذه الحال إذا قال الأطباء‏:‏ إنه لابد من سحب الدم من هذا لنقله إلى المريض فيسحب منه، وفي هذه الحال نقول لهذا الذي سحب منه الدم‏:‏ قد أفطرت، لأن هذا الدم الكثير بمنزلة الحجامة، ويتناول ما يريد من الطعام والشراب في بقية يومه حتى تعود إليه القوة ويقضي يوماً مكانه‏.‏

أما الشيء اليسير من الدم الذي يخرج ولو باختيار الإنسان فهذا لا بأس به مثل أن يسحب منه دم يسير لفحصه وتحليله فإن ذلك لا بأس به؛ لأن هذا ليس حجامة ولا بمعنى الحجامة، ولا يؤثر على البدن تأثير الحجامة، ومثل هذا لو قلع الصائم ضرسه فخرج منه دم فإن هذا الدم لا يفطره، لكن عليه أن يحول دون ابتلاع الدم حتى لا يصل إلى معدته، ولكن مع هذا لو تهرب شيء من هذا الدم بغير اختياره فإنه لا يفطر بذلك، والله الموفق‏.‏

* * *

502 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يبطل الصوم بالرعاف‏؟‏ وكذلك خروج الدم بخلع الضرس‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يبطل الصوم خروج ذلك لأنه بغير قصد منه، فلو أرعف أنفه وخرج منه دم كثير فإن صومه صحيح، ولا حرج عليه أيضاً في خلع الضرس، لأنه لم يخلع ضرسه ليخرج الدم، وإنما خلع ضرسه للتأذي منه، فهو إنما يريد إزالة هذا الضرس، ثم إن الغالب أن الدم الذي يخرج من الضرس أنه دم يسير فلا يكون له معنى الحجامة‏.‏

* * *

602 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ التبرع بالدم هل يفطر الصائم، وإذا أخذ شيء من الدم لغرض التشخيص‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا أخذ الإنسان شيئاً من الدم قليلاً لا يؤثر في بدنه ضعفاً فإنه لا يفطر بذلك، سواء أخذه للتحليل، أو لتشخيص المرض، أو أخذه للتبرع به لشخص يحتاج إليه‏.‏

أما إذا أخذ من الدم كمية كبيرة يلحق البدن بها ضعف فإنه يفطر بذلك، قياساً على الحجامة التي ثبتت السنة بأنها مفطرة للصائم‏.‏

وبناء على ذلك فإنه لا يجوز للإنسان أن يتبرع بهذه الكمية من الدم وهو صائم صوماً واجباً، إلا أن يكون هناك ضرورة فإنه في هذا الحال يتبرع به لدفع الضرورة، ويكون مفطراً يأكل ويشرب بقية يومه، ويقضي بدل هذا اليوم‏.‏

وذكرت هذا التفصيل وإن كان السؤال يختص بنهار رمضان، وبناء على ذلك فإنه إذا كان صائماً في نهار رمضان فإنه لا يجوز أن يتبرع بدم كميته كثيرة، بحيث يلحق بدنه منها ضعف إلا عند الضرورة فإنه يتبرع بذلك‏.‏

* * *

702 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل سحب الدم بكثرة يؤدي إلى إفطار الصائم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ سحب الدم بكثرة إذا كان يؤدي إلى ما تؤدي إليه الحجامة من ضعف البدن واحتياجه للغذاء حكمه كحكم الحجامة، وأما ما يخرج بغير اختيار الإنسان مثل أن تجرح الرجل فتنزف دماً كثيراً فإن هذا لا يضر، لأنه ليس بإرادة الإنسان‏.‏

* * *

802 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عن حكم التحليل والتبرع بالدم للصائم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ تحليل الصائم يعني أخذ عينة من دمه لأجل الكشف عنها والاختبار لها جائز ولا بأس به، وأما التبرع بالدم فالذي يظهر أن التبرع بالدم يكون كثيراً فيعطى حكم الحجامة ويقال للصائم صوماً واجباً لا تتبرع بدمك إلا إذا دعت الضرورة لذلك فلا بأس بهذا، مثل لو قال الأطباء‏:‏ إن هذا الرجل الذي أصابه النزيف إن لم نحقنه بالدم مات ووجدوا صائماً يتبرع بدمه، وقال الأطباء‏:‏ لابد من التبرع له الآن‏.‏ فحينئذ لا بأس للصائم أن يتبرع بدمه، ويفطر بعد هذا ويأكل ويشرب بقية يومه لأنه أفطر للضرورة كإنقاذ الحريق والغريق‏.‏

* * *

902 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يجوز للصائم أن يسحب دمه في المستشفى أو في غير المستشفى‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذا يُنظر، إذا كان الدم المسحوب قليلاً مثل الذي يُسحب للاختبار للتحليل فهذا لا بأس به ولا حرج فيه، أما إذا كان كثيراً يؤثر كما تؤثر الحجامة فالصحيح أنه لا يحل له ذلك إذا كان صومه واجباً لأن هذا يفطر، وإن كان تطوعاً فلا حرج في هذا، لأن التطوع يجوز للإنسان أن يقطعه‏.‏

* * *

012 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم من سحب منه دم وهو صائم في رمضان وذلك بغرض التحليل من يده اليمنى ومقداره ‏(‏برواز‏)‏ متوسط‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ مثل هذا التحليل لا يفسد الصوم بل يعفى عنه، لأنه مما تدعو الحاجة إليه، وليس من جنس المفطرات المعلومة من الشرع المطهر‏.‏

* * *

112 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ إذا قلع الصائم ضرسه فهل يفطر بسبب الدم الخارج منه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يفطر ولكن لا يبلع الدم الخارج من الضرس‏.‏

* * *

212 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ إذا جرح الصائم أو قلع ضرسه وخرج منه دم فما حكم صومه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا جرح الصائم أو قلع ضرسه وخرج منه دم فصومه صحيح، سواء كان الدم الذي خرج قليلاً أم كثيراً، لأن ذلك ليس بحجامة ولا بمعناها، لكن إن لحقه ضعف بسبب خروج الدم الكثير، فله أن يفطر فيأكل ويشرب ويقضي ذلك اليوم‏.‏

* * *

312 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يفطر الإنسان بخروج الدم عند قلع الضرس‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ خروج الدم من قلع الضرس لا يؤثر ولا يضر الصائم شيئاً، ولكن يجب على الصائم أن يتحرز من ابتلاع الدم، لأن الدم خارج طارىء غير معتاد، يكون ابتلاعه مفطراً، بخلاف ابتلاع الريق فإنه لا يفطر‏.‏ فعلى الصائم الذي خلع ضرسه أن يحتاط وأن يحترز من أن يصل الدم إلى معدته؛ لأنه يفطر، لكن لو أن الدم تسرب بغير اختياره فإنه لا يضره، لأنه غير متعمد لهذا الأمر، وأصل الاشتباه عند الناس في هذه المسألة وهي قلع الضرس، أو السن، أو الجروح أصل الاشتباه عند هؤلاء هو الإفطار بالحجامة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏أفطر الحاجم والمحجوم‏)‏ فيظن بعض العامة أن الدم الذي يخرج من قلع الضرس، أو السن، أو الجرح، أو ما أشبهه يظنون أنه يفطر كالحجامة، والأمر ليس كذلك، فإن الحجامة يخرج منها دم كثير يؤثر على الصائم فيجد في نفسه كسلاً وضعفاً، يحتاج معه إلى أن يتناول شيئاً يرد إليه قوته، ويزيل عنه الضعف الذي حصل بسبب الحجامة، وأما الدم الخارج بقلع الضرس ونحوه فإنه لا يؤثر تأثير الحجامة فلا يفطر به أبداً، وكذلك أيضاً لا يفطر الصائم بإخراج الدم لأجل التحليل، فإن الطبيب قد يحتاج إلى أخذ دم من المريض ليختبره، فهذا لا يفطر، لأنه دم يسير، لا يؤثر على البدن تأثير الحجامة، فلا يكون مفطراً، والأصل بقاء الصيام، فلا يمكن أن نفسده إلا بدليل شرعي، وهنا لا دليل على أن الصائم يفطر بخروج هذا الدم اليسير، وأما أخذ الدم الكثير الذي يفعل بالبدن مثل فعل الحجامة من الصائم من أجل حقنه في رجل محتاج إليه فإنه يفطر بذلك، وعلى هذا فإن كان الصوم واجباً فإنه لا يجوز لأحد أن يتبرع بهذا الدم الكثير لأحد، إلا أن يكون المتبرع له في حالة خطرة لا يمكن أن يصبر إلى ما بعد الغروب، وقرر الأطباء بأن دم هذا الصائم ينفعه ويزيل ضرورته، فإنه في هذه الحال لا بأس أن يتبرع بدمه ويفطر فيأكل ويشرب حتى تعود إليه قوته ويقضي هذا اليوم الذي أفطره، والله أعلم‏.‏

* * *

412 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ خروج الدم من أسنان الصائم هل يفطر‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ النزيف الذي يحصل في الأسنان لا يؤثر على الصوم مادام يحترز من ابتلاعه ما أمكن، لأن خروج الدم بغير إرادة الإنسان لا يعد مفطراً، ولا يلزم من أصابه ذلك أن يقضي، وكذلك لو رعف أنفه، فإنه ليس عليه في ذلك شيء ولا يلزمه قضاء‏.‏

* * *

512 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم خروج الدم من الصائم من أنفه أو فمه أو بقية جسمه بغير اختياره‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يضره خروج ذلك؛ لأنه بغير قصد منه فلو أرعف أنفه وخرج منه دم كثير، فإن صومه صحيح‏.‏

* * *

612 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ لو تسبب في خروج الدم كأن يخلع ضرسه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا حرج عليه أيضاً، لأنه لم يخلع ضرسه ليخرج الدم، وإنما خلع ضرسه لأذى فيه، فهو إنما يريد إزالة هذا الضرس لأذاه، ثم إن الغالب أن الدم الذي يخرج بخلع الضرس أنه دم يسير، لا يكون له معنى الحجامة‏.‏

* * *

712 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ خروج الدم من الأنف أو من أحد أعضاء الجسم وضرب الإبر في الوريد أو في الورك والقطرة والكحل والمرهم والتغرغر بعلاج في الفم هل تفطر‏؟‏ وهل هناك دليل أو قاعدة يقاس عليها‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ كل هذه الأشياء لا تفطر الصائم، لأن القاعدة الشرعية أن من تلبس بالطاعة على وجه شرعي فإنه لا يمكن إفسادها إلا بدليل شرعي من كتاب الله تعالى، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو إجماع المسلمين، أو القياس الصحيح الذي يتساوى فيه المقيس والمقيس عليه في علة الحكم‏.‏

وإذا نظرنا إلى هذه الأشياء لم نجد دليلاً شرعيًّا يدل على فساد الصوم بها، وبناء على ذلك لا يحل لنا أن نفسد عبادة عباد الله تعالى إلا بدليل نبرأ به حين لقاء الله‏.‏

لكن التغرغر مكروه إلا لحاجة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة ـ رضي الله عنه ـ‏:‏ ‏(‏بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً‏)‏ فإذا احتاج إلى التغرغر ولم يتمكن من تأخيره إلى الفطر فلا حرج عليه فيه، لكن عليه أن يحترز غاية الاحتراز من نزول ذلك إلى جوفه‏.‏

* * *

812 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ امرأة حامل ونزل منها دم في نهار رمضان فما الحكم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا كانت المرأة حاملاً ونزل منها الدم ولم يكن منتظماً انتظامه السابق على الحمل فإن هذا الدم ليس بشيء، سواء كان نقطة أو نقطتين أو دماً كثيراً؛ لأن ما تراه الحامل من الدم يعتبر دم فساد، إلا إذا كانت حيضتها منتظمة على ما هي عليه قبل الحمل فإنه يكون حيضاً، وأما إذا توقف الدم ثم طرأ فإن المرأة تصوم وتصلي وصومها صحيح وصلاتها كذلك ولا شيء عليها، لأن هذا الدم ليس بحيض‏.‏

* * *

912 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عن امرأة كانت من عادتها أن تحيض خمسة أيام، ولما كبرت أصبحت العادة تتأخر عليها، وإذا نزلت استمرت أربعة عشر يوماً فما الحكم في هذه الأيام الزائدة وهل تصوم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذه المرأة التي كبرت وصار الحيض يتأخر عنها كثيراً ثم يأتيها أربعة عشر يوماً نقول لها‏:‏ إن هذه الأيام تكون كلها حيضاً‏.‏

* * *

022 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ امرأة أصيبت في حادثة وكانت في بداية الحمل فأسقطت الجنين إثر نزيف حاد، فهل يجوز لها أن تفطر أم تواصل الصيام‏؟‏ وإذا أفطرت فهل عليها إثم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ نقول‏:‏ إن الحامل لا تحيض، كما قال الإمام‏:‏ أحمد إنما تعرف النساء الحمل بانقطاع الحيض‏.‏ والحيض كما قال أهل العلم‏:‏ خلقه الله تبارك وتعالى لحكمة غذاء الجنين في بطن أمه، فإذا نشأ الحمل انقطع الحيض، لكن بعض النساء قد يستمر بها الحيض على عادته كما كان قبل الحمل، فهذه يحكم بأن حيضها حيض صحيح، لأنه استمر بها الحيض، ولم يتأثر بالحمل، فيكون هذا الحيض مانعاً لكل ما يمنعه حيض غير الحامل، وموجباً لما يوجبه، ومسقطاً لما يسقطه، والحاصل أن الدم الذي يخرج من الحامل على نوعين‏:‏ نوع يُحكم بأنه حيض وهو الذي استمر بها، كما كان قبل الحمل؛ لأن استمراره يدل على أن الحمل لم يؤثر عليه فيكون حيضاً‏.‏

والنوع الثاني‏:‏ دم طرأ على الحامل طروءاً إما بسبب حادث، أو حمل شيء، أو سقوط من شيء ونحوه، فهذه دمها ليس بحيض، وإنما هو دم عِرق، وعلى هذا فلا يمنعها من الصلاة، ولا من الصيام، بل هي في حكم الطاهرات، ولكن إذا لزم من الحادث أن ينزل الولد، أو الحمل الذي في بطنها، فإنه على ما قال أهل العلم‏:‏ إن خرج وقد تبين فيه خلق إنسان فإن دمها بعد خروجه يعد نفاساً، تترك فيه الصلاة والصوم، ويتجنبها زوجها حتى تطهر، وإن خرج الجنين وهو غير مُخلَّق فإنه لا يعتبر دم نفاس، بل هو دم فساد لا يمنعها من الصلاة ولا من الصيام ولا من غيرهما، قال أهل العلم‏:‏ وأقل زمن يتبين فيه التخليق واحد وثمانون يوماً؛ لأن الجنين في بطن أمه كما قال عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ‏:‏ حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق فقال‏:‏ ‏(‏إن أحدكم يُجمع في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات، فيكتب رزقه، وأجله، وعمله وشقي أم سعيد‏)‏ ولا يمكن أن يُخلق قبل ذلك، والغالب أن التخليق لا يتبين قبل تسعين يوماً، كما قاله بعض أهل العلم‏.‏

* * *

122 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ امرأة في الشهر الثامن حملها، ووافق ذلك أن يكون شهر رمضان، وقد نزل منها الدم قبل أن تضع جنينها، ثم وضعت الجنين بعد أربعة عشر يوماً من شهر رمضان، وذلك عن طريق عملية قيصرية، فهل تقضي الأيام التي نزل معها الدم أم لا، مع أنها كانت صائمة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ليس عليها قضاء في الأيام التي صامتها قبل أن تضع الجنين، لأن هذا الدم ليس دم نفاس، وليس دم حيض، ويسمى هذا الدم وأمثاله عند العلماء دم فساد، لأن ما لا يصلح أن يكون حيضاً ولا نفاساً يكون دم فساد أو استحاضة‏.‏

* * *

222 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يجوز استعمال حبوب منع الحيض للمرأة في رمضان أم لا‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الذي أرى أن المرأة لا تستعمل هذه الحبوب لا في رمضان ولا في غيره، لأنه ثبت عندي من تقرير الأطباء أنها مضرة جداً على المرأة على الرحم والأعصاب والدم، وكل شيء مضر فإنه منهي عنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا ضرر ولا ضرار‏)‏ ‏.‏

* * *

322 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم من أنزلت العادة الشهرية قبل وقتها بالعلاج فتوقف الدم، وبعد الصيام بثمانية أيام جاءت في وقتها، فما حكم الأيام التي لم تصلِّ فيها‏؟‏ وإذا تناولت ما يمنع الحيض فلم ينزل فهل تصوم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا تقضي المرأة الصلاة إذا تسببت لنزول الحيض، لأن الحيض دم متى وجد وجد حكمه‏.‏

وإذا تناولت ما يمنع الحيض ولم ينزل الحيض فإنها تصلي وتصوم، ولا تقضي الصوم لأنها ليست بحائض، فالحكم يدور مع علته، قال الله عز وجل‏:‏ ‏{‏وَيَسألُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَآءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَاتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوبِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ‏}‏ فمتى وجد هذا الأذى ثبت حكمه، ومتى لم يوجد لم يثبت حكمه‏.‏

* * *

رسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد‏:‏

أرجو التكرم بالإجابة على هذا السؤال كتابة حتى يمكن أن نستفيد منه في الحاضر والمستقبل إن شاءالله‏.‏

هذه امرأة حملت منذ شهرين بعد هذه المدة أصبح عندها نزيف استمر ثلاثة أيام، ثم عمل لها عملية تنظيف رحم، وأصبحت بعد ذلك لا تصوم ولا تصلي منذ تسعة أيام تقريباً، أي منذ التنظيف، وقد توقف الدم منذ ثلاثة أو أربعة أيام، وصار عندها اصفرار فقط، فهل تصوم الآن وتصلي‏؟‏ وهل عليها صلاة عن الأيام الماضية منذ توقف الدم وقبله‏؟‏ وهل تصلي الصلوات جميعها في وقت واحد، ولو أن ذلك يشق عليها‏؟‏

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

يقول أهل العلم‏:‏ إن النفاس لا يثبت حكمه حتى تضع الحامل جنيناً تبين فيه خلق إنسان، ولا يمكن أن يتبين فيه خلق إنسان حتى يتم له ثمانون يوماً، وبناء على ذلك فإن النزيف الذي أصاب المرأة المذكورة ليس نفاساً، فيكون حكمها حكم الطاهرات تلزمها الصلاة والصيام‏.‏ كتبه محمد الصالح العثيمين في 21/9/7041هـ‏.‏

432 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يفسد الصوم ما ينزل من الحامل من دم أو صفرة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الحامل لا يضرها ما نزل منها من دم أو صفرة، لأنه ليس بحيض ولا نفاس، إلا إذا كان عند الولادة أو قبلها بيوم أو يومين مع الطلق فإنه إذا نزل منها دم في هذه الحال صار نفاساً، وكذلك في أوائل الحمل فإن بعض النساء لا تتأثر عادتهن في أول الحمل فتستمر على طبيعتها وعادتها، فهذه يكون دمها دم حيض‏.‏

* * *

522 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ امرأة يخرج منها دم مصحوب بصفرة في غير عادتها الشهرية، وقد استغرقت معها الشهر كله وصامت في ذلك، فهل يكفي صومها في ذلك أم تقضيه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ تقول أم عطية ـ رضي الله عنها ـ‏:‏ ‏(‏كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً‏)‏ هذا رواية البخاري، ورواية أبي داود‏:‏ ‏(‏كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً‏)‏‏.‏ وعلى هذا فإذا تطهرت المرأة من الحيض ونزل منها صفرة أو كدرة، فإن هذا لا يؤثر على صيامها ولا يمنعها من صلاتها، فتصلي وتصوم ويجامعها زوجها، وهي في حكم الطاهرات، إلا أنها عند الصلاة لا تتوضأ للصلاة إلا بعد دخول وقتها إذا دخل وقت الصلاة، فإنها تغسل فرجها وما تلوث من هذا الخارج، ثم تعصبه بخرقة، ثم تتوضأ، ثم تصلي فروضاً ونوافل كما تريد‏.‏

* * *

622 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عن امرأة أتتها أعراض الدورة الشهرية ووجدت الصفرة ولكن لم ينزل الدم وذلك في شهر رمضان، وفي اليوم الثاني وجدت مع الصفرة دماً يسيراً ثم انقطع الدم، وفي اليوم الثالث بدأ نزول الدم الطبيعي فما حكم صيام اليومين الذين لم تشاهد فيهما سوى الصفرة والدم اليسير، علماً أن هذا الدم لم يحدث لها من قبل‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا شك أن الحيض هو الدم الذي ينزل من المرأة وهو دم طبيعي، كتبه الله على بنات آدم، ينزل في أوقات معلومة، وبصفات معلومة، وبأعراض معلومة، فإذا تمت هذه الأعراض وهذه الأوصاف فهو دم الحيض الطبيعي الذي تترتب عليه أحكامه، أما إذا لم يكن كذلك فليس حيضاً، وقد قالت أم عطية ـ رضي الله عنها ـ‏:‏ ‏(‏كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً‏)‏، وفي رواية أبي داود‏:‏ ‏(‏كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً‏)‏‏.‏ أي شيئاً من الحيض‏.‏

فهذه المرأة التي ذكرت أنها أصابتها أعراض الحيض ولكن لم ينزل الحيض وإنما نزلت الصفرة، فإن ظاهر حديث أم عطية ـ رضي الله عنها ـ أن هذه الصفرة ليست بحيض، وعلى هذا فصيامها في هذه الأيام يكون صحيحاً، لأنه لم يحصل الحيض بعد‏.‏

* * *

722 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ أنا أم لطفل لم يبلغ من العمر أربعة شهور، وأستعمل حبوب منع الحمل، ولكني أحياناً يعترضني نزول دم خفيف أحمر اللون بعد غسل الجماع، وقد حدث ذلك لي في شهر رمضان، حيث رأيت الدم بعد تناول وجبة السحور وقبل صلاة الفجر، فانتظرت قبل طلوع الشمس بربع ساعة تقريباً، فاغتسلت مرة أخرى وصليت الفجر ثم نمت ثم عاودني ذلك في النهار، فأكملت صيامي وبدأت أتوضأ لكل صلاة، واستمر ذلك لمدة يوم ونصف حتى طهرت تماماً، فاغتسلت للمرة الثالثة، وأريد أن أستفسر هل صلاتي صحيحة‏؟‏ وهل صيامي صحيح مع العلم أني أعدت صيام هذين اليومين بعد نهاية شهر رمضان المبارك، فأنا أريد أن أسأل إذا حدث لي ذلك في أي يوم، فماذا أفعل‏؟‏ وجزاكم الله خيراً‏.‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ قبل الإجابة على سؤالها أقول‏:‏ إن استعمال هذه الحبوب ضار على المرأة، على رحمها، وعلى عادتها، وعلى دمها، بل وعلى جنينها في المستقبل‏.‏ وقد يحصل من هذه الحبوب تشويه للأجنة فيخرج الجنين مشوهاً، ولهذا كثر الآن التشويه، ما أكثر ما نسأل عن جنين في بطن أمه ليس على رأسه عظم، ونسأل عن جنين مشوه كل هذا من أجل هذه الحبوب التي ضرت المسلمين من جهة، ومنعت كثرة الإنجاب من جهة أخرى‏.‏

أما بالنسبة للجواب‏:‏ فلتسأل السائلة الأطباء هل يعتبر هذا الدم حيضاً أم هو دم عرق، إن كان دم عرق فإنه لا يمنعها من الصيام وصيامها صحيح، ولا يمنعها من الصلاة، فيجب عليها أن تصلي، وأما إذا كان من الحيض تحرك بسبب هذه الحبوب، فإن صيامها لا يصح ولا تلزمها الصلاة‏.‏

* * *

822 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ أنا امرأة صمت أيام الست من شوال، وآخر يوم من الصيام أحست بألم الدورة، ونزل في هذا اليوم كدرة، ولم ينزل الدم إلا في الليل، فهل هذا الصيام صحيح، أرجو من فضيلتكم الإفادة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ صيام هذا اليوم صحيح، لأن الدم لم ينزل إلا بعد غروب الشمس، والمرأة إذا أحست بالحيض ولم ينزل الدم إلا بعد غروب الشمس فإن صومها صحيح، سواء فرضاً أم نفلاً‏.‏

* * *

922 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ أنا فتاة متزوجة ورزقني الله بولدين توأمين والحمد لله، ولقد انتهت الأربعون يوماً في اليوم السابع من رمضان، ولكن الدم مازال يخرج مني، ولكن الدم لونه متغير وليس مثل ما قبل الأربعين، هل أصوم وأصلي‏؟‏ وإذا كنت قد صمت بعد الأربعين وكنت أغتسل في كل وقت صلاة وأصلي وكنت أصوم فهل صومي صحيح أم غير ذلك‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ المرأة النفساء إذا بقي الدم معها فوق الأربعين وهو لم يتغير فإن صادف ما زاد على الأربعين عادة حيضها السابقة جلست، وإن لم يصادف حالة حيضها السابقة فقد اختلف العلماء في ذلك‏:‏

فمنهم من قال‏:‏ تغتسل وتصلي وتصوم، ولو كان الدم يجري عليها، وتكون حينئذ مستحاضة‏.‏

ومنهم من قال‏:‏ إنها تبقى حتى تتم ستين يوماً؛ لأنه وجد من النساء من يبقى في النفاس ستين يوماً، وهذا مر واقع ويسأل عنه، ويقال‏:‏ إن بعض النساء كانت عادتها في النفاس ستين يوماً، وبناء على ذلك فإنها تنتظر حتى تتم ستين يوماً، ثم بعد ذلك ترجع إلى حيضتها المعتادة‏.‏

* * *

032 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ أنا امرأة تأتيني الدورة الشهرية في هذا الشهر الكريم في خمس وعشرين إلى آخر الشهر فإذا حضت فسوف أضيع أجراً عظيماً فهل أستعمل حبوب منع الحيض وخاصة أنني سألت الطبيب فقال‏:‏ لا تضرني‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ أقول لهذه المرأة ولأمثالها من النساء اللاتي يأتيهن الحيض في رمضان‏:‏ إنه وإن فاتها ما يفوتها من الصلاة والقراءة فإنما ذلك بقضاء الله وقدره، وعليها أن تصبر، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة ـ رضي الله عنها ـ حينما حاضت‏:‏ ‏(‏إن هذا شيء كتبه على بنات آدم‏)‏ فنقول لهذه المرأة‏:‏ إن الحيض الذي أصابها شيء كتبه الله على بنات آدم فلتصبر، ولا تعرض نفسها للخطر، وقد ثبت عندنا أن حبوب منع الحيض لها تأثير على الصحة وعلى الرحم، وأنه ربما يحدث في الجنين تشوه من أجل هذه العقاقير‏.‏

* * *

132 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يجوز استعمال حبوب منع الحيض للمرأة في رمضان أم لا‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الذي أرى أن المرأة لا تستعمل هذه الحبوب لا في رمضان ولا في غيره، لأنه ثبت عندي من تقرير الأطباء أنها مضرة جدًّا على المرأة على الرحم، والأعصاب، والدم، وكل شيء مضر فإنه منهي عنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا ضرر ولا ضرار‏)‏‏.‏ وقد علمنا عن كثير من النساء اللاتي يستعمله هذه الحبوب أن العادة عندهن تضطرب وتتغير، ويتعبن العلماء في كيفية جلوسهن، فالذي أنصح به أن لا تستعمل المرأة هذه الحبوب أبداً، لا في رمضان ولا في غيره‏.‏

* * *

232 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عن حكم تناول المرأة لحبوب منع الحيض لأجل الصيام‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الذي أراه في هذه المسألة ألا تفعل المرأة هذا، بل تبقى على ما قدره الله عز وجل وكتبه على بنات آدم، فإن هذه الدورة الشهرية لله تعالى حكمة في إيجادها، هذه الحكمة تناسب طبيعة المرأة، فإذا منعت هذه العادة فإنه يحدث منها رد فعل ضار على جسم المرأة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا ضرر ولا ضرار‏)‏ هذا بقطع النظر عما تسببه هذه الحبوب من أضرار على الرحم كما ذكر ذلك الأطباء، فالذي أرى في هذه المسألة أن النساء لا يستعملن هذه الحبوب، والحمد لله على قدره وعلى حكمته، إذا أتاها الحيض تمسك عن الصلاة والصوم، وإذا طهرت تستأنف الصيام والصلاة، وإذا انتهى رمضان تقضي ما فاتها من الصوم‏.‏

* * *